كلمات انشودة شعب الجزائر مسلم: تحليل قصيدة عبد الحميد بن باديس التي هزت عروش المستعمر

 شعب الجزائر مسلم: تحليل قصيدة عبد الحميد بن باديس التي هزت عروش المستعمر

ليست كلمات انشودة شعب الجزائر مسلم مجرد أغنية، بل هي بيان هوية، وشعار مقاومة، وشهادة على العصر صاغها أحد أعظم مفجري الثورات الفكرية في التاريخ الجزائري، الإمام عبد الحميد بن باديس. إنها القصيدة التي حولت شعباً بأكمله إلى فكرة قائمة الذات، ترفض الاندثار والذوبان.

1. بيان الهوية والوجود:

تبدأ القصيدة بتأسيس الهوية بتوكيد لا يقبل الجدل: "شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ". هذه الجملة هي حجر الزاوية التي تُبنى عليها كل المعاني اللاحقة. إنها رفض قاطع لمشاريع الفرنسة والاندماج، وتأكيد على الثنائية الأساسية للشخصية الجزائرية: الإسلام والعروبة.

2. الرد على دعاوى الاستعمار:

تأتي الأبيات التالية كرد حاسم على الدعاية الاستعمارية التي كانت تزعم أن الجزائر فرنسية أو أن الشعب الجزائري قد مات: "مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ". هنا يستخدم بن باديس لغة القطع واليقين ("كَذَبْ") لسحق هذه الادعاءات نفسياً وفكرياً قبل أن تسحق عسكرياً.

3. خطاب التوجيه للأجيال الناشئة:

ينتقل الشاعر إلى مخاطبة رجال المستقبل فيقول: "يَـا نَـشْءُ أَنْــتَ رَجَــاؤُنَـــا". هذا المقطع يضع المسؤولية على عاتق الشباب، ويحثهم على التسلح بالعلم والإرادة ("خُـــذْ لِلْـحَــيَــاةِ سِــلاَحَــهَـا") لخوض معركة الحياة والتحرير.

4. دعوة للعمل والثورة:

لا تكتفي القصيدة بالدفاع، بل تتحول إلى هجوم فكري وسياسي:

"وَاصْدُمْ مَنْ غَصَبْ": دعوة صريحة لمواجهة المستعمر الغاصب.

"وَاقْـلَـعْ جُــذُورَ الْــخَــائِـنِـيـنَ": تحذير من الخونة والعملاء الذين هم سبب كل بلاء.

"وَأَذِقْ نُـفُوسَ الـظَّــالِـمِـينَ سُـمًّـا": تصوير مجازي قوي لدور المقاومة في إيقاع الخسائر المعنوية والمادية بالظالم.

5. سياسة العلاقات: الكرامة أو الحرب:

تحدد القصيدة موقف الأمة من الآخر بمنتهى الوضوح والثقة:

"مَنْ كَــانَ يَبْغِـي وُدَّنَــا ..... فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرَّحَبْ": نداء للتعامل على أساس الاحترام.

"أوْ كَـــانَ يَبْغِـي ذُلَّـنـَا ..... فَلَهُ الْـمـَهَـانَـةُ وَالْـحَـرَبْ": رفض تام للإذلال، والرد على محاولاته سيكون بالحرب والمقاومة.

6. الوصية والعهد الخالد:

يصل بن باديس إلى ذروة الإيمان والتضحية في البيتين الخالدين:

"هَــذَا لَكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ ..... حَتَّى أُوَسَّــدَ فِي الـتُّـرَبْ": إنه يعاهد شعبه على المضي في هذا النهج حتى الممات.

"فَــإِذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحَـتِـي ..... تَحْيـَا الْجَـزَائِـرُ وَالْـعَـرَبْ": هنا يقدم فلسفة الخلود؛ فموت الفرد لا يعني انتهاء الفكرة، بل إن صيحته (شعبه الجزائر) هي التي ستحيى وتنتصر. إنه يؤسس لخلود الأمة فوق خلود الأفراد.

الخلاصة:

قصيدة "شعب الجزائر مسلم" لعبد الحميد بن باديس هي نص تأسيسي. لقد نجحت في تحويل الهوية من مجرد احساس داخلي إلى مشروع مقاومة وكيان سياسي رافض للاستعمار. من خلال التكرار المتناغم للبيت الرئيسي، تشد القصيدة أزر المستمع وترسخ في لاوعيه الجماعي فكرة "الوجود والرفض"، لتظل إلى الأبد نشيداً للهولة والإباء.


شعب الجزائر مسلم: تحليل قصيدة عبد الحميد بن باديس التي هزت عروش المستعمر

شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ..... رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ


يَـا نَـشْءُ أَنْــتَ رَجَــاؤُنَـــا ..... وَبِـكَ الصَّبَـاحُ قَـدِ اقْـتَرَبْ

خُـــذْ لِلْـحَــيَــاةِ سِــلاَحَــهَـا ..... وَخُـضِ الْخُطُوبَ وَلاَ تَهَبْ


شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ..... رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ


وَارْفَــــعْ مَـــــنَــــارَ الْــــعَــــدْلِ ..... وَالإِحْسَانِ وَاصْدُمْ مَنْ غَصَبْ

وَاقْـلَــعْ جُــذُورَ الْــخَــائِــنِــيــنَ ..... فَــمِــنْـــهُـــمُ كُـــلُّ الْــعَــطَــبْ


شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ..... رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ


وَأَذِقْ نُـفُوسَ الـظَّــالِـمِـينَ ..... سُـمًّـا يُـمْـزَجُ بِالرَّهَـبْ

وَاهْـزُزْ نُـفُـوسَ الْجَـامِدِينَ ..... فَرُبَّـمَـا حَـيَّ الْـخَـشَـبْ


شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ..... رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ


مَنْ كَــانَ يَبْغِـي وُدَّنَــا ..... فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرَّحَبْ

أوْ كَـــانَ يَبْغِـي ذُلَّـنـَا ..... فَلَهُ الْـمـَهَـانَـةُ وَالْـحَـرَبْ


شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ..... رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ


هَـذَا نِـظَـامُ حَـيَـاتِـنَـا ..... بِالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ

حَتَّى يَعُودَ لِـقَــوْمِــنَـا ..... مِنْ مَجْــدِهِمْ مَــا قَدْ ذَهَبْ


شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ..... رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ


هَــذَا لَكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ ..... حَتَّى أُوَسَّــدَ فِي الـتُّـرَبْ

فَــإِذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحَـتِـي ..... تَحْيـَا الْجَـزَائِـرُ وَالْـعَـرَبْ


شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ..... وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ..... أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ..... رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ

أحدث أقدم

نموذج الاتصال